صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

سوق سوداء لحبك الشائعات

د. حمدوك. إرشيفية
شارك هذه الصفحة

نشط مؤخرا ما يشبه السوق السوداء للمعلومات المضللة، وراجت بضاعته مع بدء الإعلان عن اقتراب التوصل إلى تسوية بشأن الأوضاع التي خلفها انقلاب 25 أكتوبر، سبقتها أنباء عن عودة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، وسمت وسائل إعلام مرشحين لرئاسة مجلس الوزراء، وذكرت أن هناك خلافات بين قطبي الانقلاب (البرهان وحميدتي).

وكشف أكاديميون وسياسيين عن غرف خاصة لصناعة “الشائعات”، وأخرى لإطلاقها والترويج لها بغرض صرف الانتباه عن الأولويات مشيرين إلى أن توقيت إطلاق الشائعات ليس اعتباطا، بل يتم الإعداد له كلما اقتربت مكونات الثورة من الالتفاف حول راية موحدة.

وطبقا لوزير الاتصالات والتحول الرقمي السابق، هاشم حسب الرسول، فإن الإعلام المضاد للثورة وحرب الشائعات كان إعلاما منظما ولعب دورا محوريا في تشويه صورة حكومتي الفترة الانتقالية، منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة المدنية، وانطلق من ٤ منصات خارجية وظفت فيه شركات روسية متخصصة في الإعلام والتسويق الإلكتروني بشبكات التواصل الاجتماعي.

وقال عضو مجلس السيادة المنقلب عليه صديق تاور لـ”الحداثة” إن هذه الدوائر تطلق المعلومات وتخفيها من أجل خلق البلبلة والتشويش على الشعب، مشيرا إلى أن مصادر كل المعلومات مجهولة، لافتا إلى أن الغرض من ذلك إضعاف قوى الثورة وتفتيتها ووالتشكيك فيها.

 

لرئيس الحزب الجمهوري أسماء محمد طه رأي قريب من رأي الوزير السابق، حين حملت  فلول النظام المباد تنشيط الشائعات حول وجود خلافات بين البرهان وحميدتي، مشيرة إلى أن الأطراف الثلاثة– الجيش والدعم السريع والفلول-  يحصلون على إمكانيات فائقة لصنع الأخبار وبث الشائعات بغرض إضعاف الروح الثورية، وتشتيت الانتباه.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة بكثافة  خبرا حول عودة عبدالله حمدوك رئيسا للوزارء مرة أخرى، وانتشر الخبر بسرعة، وأصر مروجوه على أن ما أشيع حقيقة مؤكدة رغم النفي القاطع الذي جاء على لسان زوجة رئيس الوزراء السابق، ولمزيد من التأكيد على عدم صحة الخبر، خرج صديق حمدوك، الشاعر فضيلي جماع، وقال إنه أجرى اتصالا هاتفيا بحمدوك نفسه  ونفى له الخبر، مشككا في أن نشره بهذه الكثافة يؤكد أن خلفه جهات تريد خلق التضليل.

 

وتقول أستاذة العلوم السياسية نعمات كوكو إن فترة الانقلاب اتسمت بحالة من الغموض ولدت الشكوك في كل معلومة، وترى أن المعلومات المنسوبة إلى الجهات الرسمية أصبح مشكوكا في صحتها. وألمحت كوكو إلى أن بعض الشائعات تنفي نفسها، حين ترد كمعلومات ناقصة، وترى أن الجهات الرسمية تلجأ إلى بث الشائعات من أجل جس النبض.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية أسماء قالت إنها الأقرب لرئاسة مجلس الوزراء ، ومن أبرزها وزير العدل السابق نصر الدين عبدالباري، ووزير المالية السابق إبراهيم البدوي، وكذلك طه عثمان، هذا إلى جانب دكتور الشفيع خضر والذي أشيع أن اسمه مطروح في قائمة وزراء الحكومة الجديدة، واعتبر الشفيع تداول هذا النوع من الأخبار  التي لا تنسب إلى مصدر معلوم، أصبحت ظاهرة تؤكد أن التحقق من صحة الخبر لا تتوفر حتى في الصحافة المكتوبة.

وقال الشفيع لـ”الحداثة ” إنه لن يتورط في تقلد أي منصب حكومي، وذكر أن إطلاق هذا النوع من الشائعات بمثابة حرب نفسية، لجهة أنها معلومات ملتبسة تنتشر في الدوائر المغلقة تؤكد أن ما نعيشه يمثل حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار السياسي.

فالشائعة تولد كلما أرادت العامة أن تفهم ولم تلق إجابات رسمية ترضي فضولها، وهذا ما يجعل من الشائعة سوق سوداء للمعلومات.

وبالنسبة للشائعة التي راجت حول تولي رئيس حزب الأمة القومي برمة ناصر لمنصب رئيس مجلس السيادي، يرى رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن برمة لم يجد حرجا في الإعلان عن الحل الأمثل للأزمة السودانية هو التسوية والوفاق، لكن خبر توليه للمنصب نفاه أثناء حديثه مع “الحداثة”، وقال: لم تتصل بي أي دائرة من الدوائر الفاعلة في شأن الترشيحات، لكنه لم يعلن عن رفضه للمنصب حين قال “إن تولي أي منصب إن كان فيه خلاص للأزمة، لن أمانع”.

وراجت أخبار غير مؤكدة عن وجود خلاف حاد بين البرهان وحميدتي، عزز ذلك ابتعاد الرجل الثاني في المجلس السيادي عن الخرطوم حين قضى في دارفور فترة، ووجه انتقادات لاذعة لحكومته حين وصفها بالفاشلة، وأن الانقلاب هو السبب.

وقطع عضو مجلس السيادة السابق صديق تاور على وجود خلافات حادة بين الرجلين وأكد أن هناك تباينا واضحا في وجهات النظر، والمواقف، لكن خرج حميدتي ونفى ما راج عن وجود خلافات بينه والبرهان.

وترى نعمات كوكو  أن أي حديث عن وجود خلافات بين الرجلين يقع في دائرة الشائعة، لجهة أنهما مرتبطان بمصالح مشتركة.

وتشير إلى أن تداول هذا الخبر بكثافة قد يكون من ضمن الأمنيات  التي تعبر عن مزاج عام.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *