صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

تبلور أطروحات (البرادايم) القديم وتردد الثوار

فارس الشغيل

شارك هذه الصفحة

يمثل الاتفاق السياسي الإطاري الموقع في 5 ديسمبر، تبلورا ناصعا لكل أطروحات النموذج الاسترشادي القديم الذي بدء تشكله منذ حقبة الثلاثيينيات مع مؤتمر الخريجين. وقد كان هذا النموذج هو الذي يؤدي دوما إلى فشل ثوراتنا، من أكتوبر والانتفاضة وديسمبرن وحتى الاتفاق الإطاري.

مع اتفاق غالب المحللين على أن كل حكومة عسكرية هي أسوأ من سابقتها وأقل حكمة ودربة في مستوى نضجها وإمكانياتها الفكرية والإدارية، كانت الحكومات الديمقراطية المتعاقبة أقل في قدراتها، وتتجاهل مواثيق ثوراتها، بل تسير عكسها.

ينخرط البرادايم القديم- خاصة قيادات الجيش التي تزعم الانحياز، والقيادات الطائفية والقبلية وذوي المصالح المتداخلة و(جوكية) صغار- في الثورات بحماس شديد حتى تغيير رأس النظام، وبعدها يبدأون في الاستيلاء على الثورة وترتيب النظام الموروث لتلائم قدراتهم واحتياجاتهم وقطع الطريق لأي تغيير حقيقي في النظام الساقط.

ينطلق هذا البراديم دائما من سقف منخفض عن سقف أطروحات الثورات وتطلعات شعب تلك الثورة، حتى وصلت حكومة مابعد ديسمبر في ضعف إرادتها السياسية وفقرها القيادي والتنصل من شعارات الثورة إلى أبعد مدى. البرادايم القديم نخبوي وسلطوي ومستعد للتنازل عن المظالم التاريخية، وليس لديه أدنى اهتمام بحياة الشعب وقضاياه.

جاء الاتفاق السياسي الإطاري مبلورا البرادايم القديم في غياب الرؤية والبرنامج (استعاضت عنه بمحاولات استمالة الثوار بطرق شرعية وأحيانا غير شرعية لحضور ورش عمل تحمل اسم أعز شعارات الشارع الثوري)، وضربت عرض الحائط بشعارات ثورة مستمرة في عامها الخامس.

تبلور البرادايم القديم في الاتفاق السياسي الإطاري هو مثل خوف ورعب الانقلابيين والإسلامويين من عملية التغيير الشامل التي تنادي به الثورة. إنها مهددة في عروشها التاريخية من طوائف وإسلامويات وإدارات قبلية وتحالفات مصالح داخلية، وأغلبها إقليمي ودولي، وحتى مقاعد الإعلاميين الوثيرة وغيرهم التي اهتزت بفضل شباب يبرز بأطروحات جديدة في كل المجالات.

تردد الثورة

برز برادايم جديد في فضاء السودان السياسي وتبلور في ثورة ديسمبر بطول زمنها. وكعادة بزوغ البرادايم الجديد فهو يتلمس طريقه ببطء شديد. طرح البرادايم الجديد (الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب) وهو إطار سياسي يحمل فكر التغيير، ولكن يفتقد لآليات مجربة، لأنه أصلا مخالف لما جرب وفشل. وككل فكر جديد فقد حمل نفسه عبء البناء بالمشاركة الحقيقية للقواعد وهو مطلوب، لكنه لم يترافق مع قيادات مفوضة مرحليا وقابلة للاستبدال، فأعطى البرادايم القديم فرصة شباك صغير تسلل منه وملأ الدنيا ضجيجا.

تتصرف تنسيقيات المقاومة وكأننا في دولة طبيعية وتنسى أننا في خضم ثورة، وتتردد في إعلان قيادتها ومواقفها السياسية وتكتيكاتها لانتزاع السلطة وتترك المجال السياسي خاليا والشعب في حيرة. القيادة هي للثورة الآن ومنها وعبر آلياتها الديمقراطية سوف تشكل قيادة الدولة.

سواء تشكلت حكومة إطارية أو غيرها فموقفنا، وأغلب الثوار، ثابت في إنجاز فكر التغيير؛ فطريق ثورتنا سالك وستكنس كل البرادايم القديم وتحقق أحلام الثورة.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *