صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

مع المرحوم محمد إبراهيم نقد: ما السيادة الوطنية؟

شارك هذه الصفحة

تقديم وتحرير: د. مجدي الجزولي

يوافق يوم ٢٢ مارس هذا العام ٢٠٢٣م الذكرى الحادية عشر لوفاة المرحوم محمد إبراهيم نقد (١٩٣٠ – ٢٠١٢)، سكرتير الحزب الشيوعي السياسي السابق. اخترت في هذه المناسبة الكلمة التي استقبل بها هذا الشيوعي الباسل انتصار الإرادة الشعبية على ديكتاتورية جعفر نميري، وخرج بها إلى الناس في الميدان الشرقي لجامعة الخرطوم في ٢ مايو ١٩٨٥ بعد عقدٍ ونصف من العمل السري.

خصص المرحوم الجزء الأول من كلمته لدحض دعوى غربة الحزب الشيوعي عن محيطه السياسي ووطن شهداء الحزب الشيوعي في صحبة سلسلة من الشهداء مضوا في سبيل مقاومة الديكتاتورية، وجعل أول السلسلة شهداء ود نوباوي والجزيرة أبا ممن سقطوا في الصراع الباكر ضد سلطة نظام مايو والحزب الشيوعي بعد شريك لها. لم يفرد المرحوم نقد في تلك الساعة عبارة ظاهرة لفرز مواقع الشيوعيين، ما كان وقتها وما استجد خلال صراعهم ضد سلطة مايو حتى الفصال الدموي في يوليو ١٩٧١، لكن اتصل سرده ليقرّظ “خُوَّة” بين الشيوعيين، الذين ناب عنهم، وبين رجال أفاضل من أقطاب الأحزاب السياسية ميَّزهم كما ميَّز معتقلي النظام بنسبتهم إلى “الوطنية السودانية بكل عمقها”.

اختار المرحوم محمد من وحي “الوطنية السودانية” أن يجعل جلَّ اهتمامه تفصيل ما حَاقَ بالسيادة الوطنية، في المعنى الذي ترومه كل حركة للتحرر الوطني كما الحزب الشيوعي (وريث الحركة السودانية للتحرر الوطني [حستو])، من ضررٍ بالغٍ جرَّاء تكتيكات نظام جعفر نميري. سَرَدَ المرحوم محمد العلاقة الانتهازية بين نظام نميري والولايات المتحدة الأميركي خاصة في شقها الأمني والعسكري. نسب المرحوم محمد جانب من هذه العلاقة في حاجة السودان للقمح الأميركي، وانتهى إلى رفض المعادلة التي تقول “القمح مقابل القواعد” العسكرية، وأعلن بعد أن أثبت أن كل واحد من أربعة مواطنين يعيش على القمح الأميركي “أمسكوا قمحكم وأمسكوا قواعدكم.”

ليست كلمة منبرية ككلمة المرحوم محمد موقعاً مناسباً لشرح موجبات الكفاية الغذائية حتى يصبح مثل هذا الرفض أجندة للنضال السياسي. لكن الواقع، ألا الحزب الشيوعي ولا غيره من أحزاب “الوطنية السودانية” استطاع أن يستخلص من حقيقة مجاعة أول الثمانينات وتداعياتها، بما في ذلك انتفاضة أبريل ١٩٨٥م، ما يُساعد على فضّ هذه العلاقة الاعتمادية، ويجعل الطعام مكوّناً من مكونات هذه “الوطنية” أو من مكونات التحرر الوطني بجد.

حاقت بالسودان في الأعوام ١٩٨٣-١٩٨٥ مجاعة متصلة كان إعلانها الرسمي بعد تلكؤ حكومي في نوفمبر ١٩٨٤، تأثر بها ما بين ٨،٥ و١٠ مليون شخص، أي نصف سكان البلاد تقريباً، جلّهم في أقاليم السودان الغربية وفي هضاب البحر الأحمر. تأخرت مستويات الأمطار عن المتوقع منذ العام ١٩٨٠ وتدهور بذلك إنتاج الحبوب في كل مناطق الإنتاج، بخاصة في مواقع الإنتاج التقليدي المطري التي توفر في العادة ٨٠٪ من حصاد الحبوب. بلغ مستوى الأمطار في موسم ١٩٨٤ ما يُقدّر بحوالي ٦٠٪ فقط من المتوسط، وتَنَاقَص إنتاج الحبوب بذلك إلى نصف المتوسط تقريباً. بلغ إنتاج الذرة في العام ١٩٨٤ حوالي ثلث إنتاج العام ١٩٨٣، حيث قُدِّر العجز الكليّ في ذلك العام بحوالي ٣٠٪ من حاجة البلاد من الحبوب.

كان أشد الوقع على مزارعي شمال كردفان وشمال دارفور، الذين خاب زرعهم بالكلّية ذلك العام، الأمر الذي دفع بآلاف الأسر إلى غيهب النزوح شرقاً بحثاً عن المرعى أو عن ملجأ في الحضر. نزح حوالي ٣٠٠ ألف شخص في العام ١٩٨٣ من شمال دارفور إلى جنوبها، وتضاعف العدد في ١٩٨٤، كان من بينهم ممن انتهى بهم المسير في نيالا الطفل محمد حمدان دقلو. مَنَعَت النزاعات حول حقوق الأرض النازحين من شمال كردفان من بلوغ جنوبها، وتوجهوا بدلاً من ذلك إلى أم درمان، حتى بلغ عدد النازحين المعدمين في أم درمان عام ١٩٨٤ حوالي ٤٢ ألف شخص. أما في البحر الأحمر، فقد دفع الجوع وهلاك المواشي ١٠ آلاف من الرعاة البجا إلى معسكرات الإغاثة على طول الطريق بين كسلا وبورتسودان.

لم تنقطع هذه المأساة بالانتفاضة في ١٩٨٥ بطبيعة الحال، حيث استمر مخزون الغذاء في المناطق المتأثرة بالجفاف في التناقص، ومعه تزايدت معدّلات الاعتماد على الإغاثة التي لم تَحُل دون تضاعف معدلات سوء التغذية. والمرحوم محمد يتحدث في ميدان الجامعة، كان حوالي المليون شخص من إجمالي ٢٠ مليون تقريباً -عدد السكان الكلي وقتها- قد انتهى بهم شقاء المجاعة في مواقع النزوح، تَشقَّق ما يرمّ حياتهم بفعل الجدب ونفوق المواشي إلى بوار.

رصدت الهيئات الدولية توفّر كميات كافية من العون الغذائي في العام ١٩٨٥، لكن حَالَ خراب بِنية النقل دون وصول هذا العون لمن يحتاجه. تكدست المعونات في بورتسودان، وتسبب التعطّل المتكرّر لآليات المناولة في الميناء في فجوة قدرها خمسة أيام بين رسو السفن وبداية عمليات التفريغ. حُمِلت المؤن على اللواري لنقلها من بورتسودان إلى كوستي، ومن ثم عبر السكك الحديدية إلى دارفور، وعبر اللواري إلى كردفان، لكن منع شحّ الوقود انسياب عمليات النقل، كما فضَّلت إدارة السكة حديد -بدافع الربح- نقل السلع الاستهلاكية إلى المراكز الحضرية على نقل المعونات الغذائية إلى الريف الغربي الجائع. فوق ذلك، انقطع خط السكة حديد بين كوستي ونيالا في أكثر من موقع بجرف السيول.

لم يتأخر رأس المال التجاري في استغلال الفرصة التي أتاحها قرص الجوع وهزال سوء التغذية، فتسابق أصحابه في جني الأرباح أضعاف مضاعفة من عقود نقل الإغاثة من كوستي إلى الأبيض. تضخَّمت أسعار النقل، ورفض أصحاب رؤوس الأموال الرضى بسعرٍ ثابت للنقل، والأسعار جري وطيران. ظنَّ الناس سوءاً بكامل عمليات نقل الإغاثة وهم يرون أرباحها تتدفق فنشبت في كوستي، مركز نقل الإغاثة الرئيس إلى غربي السودان، أعمال عنف تكررت على الطرق، الأمر الذي صار مبرراً إضافياً لزيادة أسعار النقل. تعثرت عمليات النقل أكثر بهطول الأمطار التي ضاعفت هي الأخرى من معاناة النازحين الجوعى بانتشار الأمراض المعدية.

لم تكشف الأمطار الغزيرة في ١٩٨٥ ضرّ المجاعة، فمن لم يتشرد من أرضه بالنزوح وطلب الزراعة لم يجد البذور، ومن وَجَد البذور افتقد الحيوان للحراثة، ومن وجد الحيوان هَزَمَته التربة التي جرفتها المياه الغزيرة وأهلكها الاستخدام المفرط. كان الجفاف هو العلّة المباشرة للمجاعة، لكن دواعيها الباطنية مما يوكل للحزب الشيوعي تشخيصها وتجمير السياسة من وحيها. المجاعة دالَّة للعلاقة بين الغذاء والناس، وهي، في جانبٍ عظيمٍ منها، مَيلٌ في التوزيع يَعكس القدرات الشرائية المتفاوتة للفئات الاجتماعية المختلفة في صراعها على الموارد المتاحة، أي أنها من حاصل السوق، وما العنف الذي نشب في كوستي وفي طرق النقل سوى احتجاج على هذا العَوَج. لذلك، لا يكفي كشف حساب إنتاج الحبوب في مقابل عدد السكان في شرح المجاعة، فمجاعات العصر الأكثر فتكاً، -البنغال (١٩٤٣)، وولو [اثيوبيا] (١٩٧٣)، بنغلاديش (١٩٧٤)- سطت على الناس وسط وفرة في إجمالي المحاصيل الغذائية، وفي أحيان زيادة ظاهرة في الإنتاج.

تناقص إنتاج الحبوب بين الأعوام ١٩٨٠ و١٩٨٤ بالمجمل بنسبة ١٣٪، فالسؤال إذن، هل كان هذا التناقص المحدود نسبياً هو سبب أذى المجاعة الذي أصاب ١٠ ملايين من الناس؟ بحساب الخسائر، وقع أعظم الضرر في شمال دارفور على الرعاة، ثم مزارعي الذرة والدخن ثم العمال الزراعيين (من وجدوا منهم عملاً)، ثم مزارعي المحاصيل النقدية بنسب تناقص في الذي يصل موائدهم من غذاء قدره ٨٢٪ و٨٠٪ و٧٥٪ و٦٥٪ على التوالي. تكرر ذات النمط في كردفان، لكن بوقعٍ أشد بسبب الزيادة الأكبر في أسعار الحبوب، حيث تناقص ما يصل موائد الرعاة بنسبة ٩٩٪ ومزارعي المحاصيل النقدية (الفول والسمسم) بنسبة ٩٥٪ ومزارعي الذرة والدخن بنسبة ٨٠٪، وتناقصت هذه المعدلات في البحر الأحمر بنسبة ٩٩٪ وسط الرعاة و٨٤٪ وسط مزارعي المحاصيل النقدية و٦٠٪ وسط مزارعي الحبوب و٤٨٪ وسط العمال الزراعيين.

وقع الرعاة بالذات في قبضة السوق، طلبوا بيع مواشيهم بغرض شراء الحبوب، لكن تهاوت أسعار المواشي بسبب تزايد عرضها في السوق واستغلال تجار الحبوب للحاجة الضاغطة التي تدفع الرعاة لبيع ما بيدهم بأي سعر كان. بذلك كانت حصيلة المجاعة انتقال ثروة الرعاة ككتلة اجتماعية إلى خزائن رأس المال التجاري التي عبَّت فيها من جهة أخرى أرباح عقود نقل الإغاثة. تجد برهان هذا النقل القسري للثروة في التناقص المطرد في متوسط عدد رؤوس الماشية المملوكة لأسرة واحدة في شمال كردفان من ٧٠٠ رأس من الضأن في ١٩٧٥ إلى ٤٠ رأس في ١٩٨٥ و١،٥ رأس في ١٩٩٢، ومن ٦٠٠ رأس من الإبل في ١٩٧٥ إلى ٤٠ رأس في ١٩٨٥ و٠،٤ رأس في ١٩٩٢. أما العمال الزراعيين فإما أَفرَغَت العطالة موائدهم بالكامل، أو فَرَضَ عليهم رأس المال التجاري أجوراً ثابتة في مقابل أسعار الغذاء المتصاعدة. وخزائن رأس المال التجاري هي ربما الموارد التي تخرج منها الديكتاتورية كرّة تلو الأخرى، فمثل منجزات مجاعة ١٩٨٣-١٩٨٥ يصعب تحقيقها حباً وكرامة.

جاء المرحوم محمد على ذكر زيارة جورج بوش الأب، نائب الرئيس الأميركي وقتها، إلى السودان وما دار بينه ونميري. نقلت نيويورك تايمز في عدد ٧ مارس ١٩٨٥ من كلمة نائب الرئيس بوش في معسكر لنازحي المجاعة في الأبيض قوله: “جئت من الولايات المتحدة الأميركية باسم الرئيس ريغان والشعب الأميركي بتكليف أن أساعد في التغذية وفي الرعاية الصحيةـ وأمد أيدينا وأفتح قلوبنا لمساعدة الناس الذين نزحوا عن أرضهم بسبب الجفاف والمجاعة”. تضرَّع الناس لله عز وجل في شمال دارفور وقد هبط عليهم “عيش ريغان” برداً وسلاماً أن يبلغ الله صاحب العيش البيت الحرام.

وجد زيت الطعام الأميركي الذي ورد بورتسودان إغاثةً طريقه على يد التجار إلى الدكاكين في أم درمان ومدن أخرى، فكَرهَته ربات البيوت وقلن عنه “زفر”، من زفارة الإمبراطورية الأميركية. تقول ديباجة الزيت النباتي الذي وردته الإغاثة الأميركية أنه مستخلص من بذور اللفت والذرة الشامي وبذرة القطن والزيتون والقرطم وفول الصويا والسمسم أو أي زيت نباتي آخر، ومُدَعَّم بفيتاميني (أ) و(د).

اعتمدت في كتابة هذه الكلمة على تقرير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية “السودان – الجفاف/المجاعة ١٩٨٣-١٩٨٥”؛ ورقة كريستوفر لوك وزملاءه “تحليل المجاعة: دراسة الاستحقاقات في السودان، ١٩٨٤-١٩٨٥” المنشورة في عدد ٢، مجلد ٤١ من مجلة “التنمية الاقتصادية والتغيير الثقافي” (جامعة شيكاغو)، يناير ١٩٩٣؛ عدد ٧ مارس ١٩٨٥ من صحيفة نيويورك تايمز؛ ورسالة الدكتور أحمد حمودة حامد لنيل درجة الدكتوراة من جامعة ليدز بعنوان “سياسة المجاعة في السودان: حالة دار حامد ودار حمر”، سبتمبر ١٩٩٥.

جانب من كلمة المرحوم محمد إبراهيم نقد في الميدان الشرقي، جامعة الخرطوم، ٢ مايو ١٩٨٥ 

التحية ليكم واستميحكم في بداية هذا اللقاء الأول أن أتقدم نيابة عنكم جميعا بالتحية والإجلال لكل سوداني بذل دمه واستشهد في الصراع ضد حكم الفرد المطلق وفي هذا أبدأ بكل الشهداء دون استثناء وإن كان هناك من ينكر على الشيوعيين فضل الاستشهاد فإننا لا ننكر على أحد مجد الاستشهاد. التحية لشهداء ود نوباوي والجزيرة أبا. التحية لشهداء ١٩ يوليو ١٩٧١. التحية لشهداء شعبان ١٩٧٣. التحية لشهداء ٥ سبتمبر ١٩٧٥. التحية لشهداء ٢ يوليو ١٩٧٦ والعار والخزي لأولئك الذين وصفوهم بأنهم مرتزقة وأنهم عملاء. التحية لشهداء مطار جوبا وأحداث أكوبو في الجنوب. الشهداء الذين استشهدوا في انتفاضة ١٩٨٠ و١٩٨٢ في العاصمة، وفي مدني وفي سنجة، في عطبرة. التحية لشهداء انتفاضة دارفور. والتحية لشهداء انتفاضة ٢٦ مارس ١٩٨٥. إننا لا نضع بين شهداء حزبنا وشهداء كل الأحزاب والاتجاهات السياسية التي ناضلت ضد حكم الفرد. التحية لكل الذين دخلوا المعتقلات في فترات مايو المختلفة من كل الأحزاب من كل الاتجاهات والذين لم ينتموا لحزب أو لاتجاه وإنما انتموا للوطنية السودانية بكل عمقها. التحية للذين مارسوا المعارضة من خارج الوطن سوى أن كانوا في معسكرات في ليبيا أو في معسكرات في أثيوبيا أو في النشاط السياسي في إنجلترا أو في دول أوروبا المختلفة. الاعتراف والاحترام لكل من أسهم بدور ولو قليل في فضح نظام السفاح وفي إسقاطه. والتحية لأولئك النفر من المواطنين الذين ناضلوا نضالا له معناه لأنهم حافظوا على كرامتهم من تلوث البيئة المايوية.

وكحزب لا نطلب سوى رجاء بسيط وهو أن نتقدم بالشكر لأولئك الذين آوونا في ديارهم وفتحوا لنا بيوتهم وقلوبهم، الذين سمحوا لنا أن نجتمع في بيوتهم، الذين سمحوا لنا أن نلتقي في ديارهم، الذين سمحوا لنا أن يحملوا ورقة من زميل إلى آخر، الذين علمونا وعرفونا بما يدور في الخارج، في الشارع، وكنا بما يحيط بنا من ضيق الحركة والاختفاء ما كان بإمكاننا أن نعرف، ما كان بإمكاننا أن نعلم، ما كان بإمكاننا أن نختفي، فنحن لسنا عصابة مافيا، لسنا هبماتة، نحن اختفينا واستطعنا أن نختفي ١٥ سنة أو ١٦ سنة لأن شعبنا كان مدرك لأهمية أن نختفي ونناضل نضالا سريا بعيدا عن جهاز الأمن. وفي هذا أسمحوا لي أيضا كحزب أن أشكر قادة الأحزاب الذين برغم الملاحقة وبرغم الظروف الصعبة سمحوا أن يلتقوا بنا وأن يستمعوا لوجهة نظرنا، اتفقنا أو اختلفنا موضوع آخر، ولكن مجرد سماحهم أن يستمعوا لوجهة نظرنا وأن يلتقوا بنا ونحن مطاردين موقف كريم وموقف فيه رجولة، يجب أن نحترمه ويجب نشكرهم. أذكر على رأسهم المرحوم عبد الرحمن النور، مولانا القاضي. ولو كانت وحدة المعارضة يمكن أن تتجسد في رجل لتجسدت في مولانا عبد الرحمن النور لأنه سعى بكل الوسائل لتوحيد المعارضة على كبر سنه وعلى مرضه وعلى بقائه الطويل في المعتقلات. نشكر أيضا الصادق المهدي، نشكر إدريس البنا، نشكر دكتور إبراهيم الأمين. ومن الاتحاديين نشكر الشهيد الهندي. في إنجلترا كان على استعداد باستمرار أن يلتقي بزميلنا الدكتور عز الدين علي عامر. كان باستمرار بيكتب لي ناسه هنا عشان يتصلوا بينا عشان يستمعوا لوجهة نظرنا. نشكر من هؤلاء الحاج مضوي، ونشكر حسن حمد ونشكر محيي الدين، بنشكر عبد الوهاب الشيخ، بنشكر زين العابدين الهندي، بنشكر محمود حسين، بنشكر محمود زروق، بنشكر الشاذلي الشيخ الريح وبنشكر دكتور شداد. بنشكر أيضا السيد محمد عثمان الميرغني الذي استقبل أكثر من مرة الأخ عبد الكريم ميرغني وهو شخص مستقل بيحمل رأينا أو مقترحاتنا للسيد محمد عثمان وبينقل لينا رأيه. هذه حقائق للتاريخ نقولها لكي يعرف الشعب أن قوى المعارضة بمختلف اتجاهاتها كانت بتسعى للوحدة، كانت بتسعى في الخفاء وما كان في مقدورها تعلن كل شيء عشان ما تتوحد وتطيح بنظام نميري.

الإطاحة بنظام نميري ما جات صدفة جات عبر دماء وجات عبر جهد. كل واحد فيكم ساهم في هذا الجهد. وعشان كده انتو الليلة في هذه الليلة. كنا نتمنى أن تكون هذه الليلة السياسية وكل الليالي السياسية لكل الأحزاب منبرا مشتركا نتحدث فيه جميعا باسم أحزابنا ونحن موحدين في إطار الميثاق الوطني. ما فات فوات. في ليالينا القادمة وفي ليالي الآخرين بنقترح توفيرا للجهد، توفيرا للوقت، دعما للوحدة أن يتحدث زعماء الأحزاب وممثلي الأحزاب في ليالي سياسية مشتركة، في ندوات مشتركة طالما أننا موحدين بالميثاق الوطني وهو ميثاق عظيم، ميثاق واضح، ميثاق جدير بأن نحافظ عليه وأن نطوره لقدام. في حديث هذه الليلة وقد طغى عليها طابع المهرجان وطابع الشباب أود أن أتناول قضايا بعينها تهم الوطن. أبدأوها بقضية السيادة الوطنية وما أصابها ثم انتقل لقضية الديمقراطية وجهاز الدولة مركزا على جهاز الأمن وأخيرا أتعرض لفترة الانتقال والمهام المطروحة فيها.

شعبنا تميز بتاريخ حافل في الدفاع عن سيادته واستقلاله. عارض القواعد العسكرية قبل الانجليز ما يطلعوا من السودان، عارض حلف الشرق الأوسط، عارض مشروع آيزنهاور، عارض مشروع الحزام الافريقي. لكن في ظل نظام نميري تعرضت السيادة الوطنية لمحنة. أول المحن سماحه بإنشاء قواعد أميركية في السودان وسماحه بقرار شخصي ما عرضه على مجلس وزراء وعلى عرضه على مجلس شعب ولا عرضه على أي جهة، سمح ليهم في المرحلة الأولى أنهم يقيموا أربعة قواعد عسكرية، واحدة في جهة أركويت، واحدة في الغرب في الفاشر، واحدة في المجلد والأخيرة في الجنوب في أعالي النيل. سمح ليهم بمناورات قوى الانتشار السريع في السودان مرتين. وبعد ما جاء مستر بوش نائب الرئيس الأميركي، طلب من نميري ونميري وافق، إنه يسمح ليهم بمطارات عسكرية جديدة. واحد في الشرق، واحد في زالنجي، واحد في كافي كنجي في بحر الغزال، ومحطة لمراقبة الأقمار الصناعية في منطقة أركويت في القاعدة الموجودة في شرق السودان. هذه الاتفاقات بين نميري والحكومة الأميركية غير ملزمة للشعب السوداني، غير ملزمة للدولة السودانية، ولن نسمح بإقامة قواعد عسكرية لأي دولة في السودان، أكرر لأي دولة في السودان. السودان بلد مستقل، السودان بينتمي لدول عدم الانحياز، السودان ما عنده عداء مع أي دولة مجاورة من الدول الثمانية المحازية لينا ولذلك مافي داعي للقواعد. كان أمريكا عندها حسابات عايزة تصفيها مع أي دولة تشوف ليها طريق تاني، تشوف أرض تانية، لكن السودان مش تكساس! الحاجة الأخرى والمهمة بالنسبة لينا أن السودان في عهد نميري تحول لمعسكر ضخم لتدريب المعارضين في دول مجاورة، تدريب الأرتريين، تدريب الأثيوبيين، تدريب معارضين من اليمن الجنوبي، تدريب معارضين من ليبيا، تدريب معارضين من سورية. طيب، ما نحن بلد ضعيف، وبنحتاج لي علاقات طيبة مع هذه الدول. ليه، السودان يتحول إلى مركز للتخريب ضد دول عربية وضد دول افريقية. هذه المعسكرات وهي قفلت الآن بعد الانتفاضة يجب ألا تفتح مرة أخرى تحت أي ذريعة وتحت أي سبب. نحن بنرغب في العلاقات الدبلوماسية المستقيمة مع الولايات المتحدة الأميركية، بلد متطور، بلد صناعي، دولة عظمى. عندها ما نتعلمه وعندها ما تقدمه لينا. بنشكرها على القمح الأميركي اللي دلوقت بتقدمه لأن كل مواطن سوداني من أربعة في الوقت الحاضر بيعيشوا على القمح الأميركي لكن ما يبقى القمح قصاد القواعد زي حكاية فلسطين الأرض قصاد السلام. ما كده، الشعوب ما بتساس بالطريقة دي ولا ممكن الناس يقبلوا. صحي، نحن بندرك المحنة والمجاعة اللي عايشها السودان. بندرك ثقل اللاجئين من الدول المختلفة في داخل السودان. لكن القمح مقابل القواعد. لا. حقنا، يعني حق الله بينا وبينكم. أمسكوا قمحكم وأمسكوا قواعدكم.

حاجة أخرى تعرضت ليها السيادة الوطنية السودانية عن طريق الاتفاق مع شركة شفرون. ما عندنا مانع شركات أميركية، غير أميركية، تنقب عن البترول عن المعادن في السودان باتفاقات واضحة تجاز من خلال الهيئات التشريعية الموجودة في البلد، أيا كان نوعها. ولكن كان الاتفاق في الأول أنه البترول البيتم اكتشافه يستهلك محليا لحل الضائقة في الطاقة ولتوفير عملات صعبة ولحل أزمة ميزان المدفوعات. لأنه شفرون أدركت أن وضع السودان متدهور انتقلت لأنها فرضت أنه أي نقطة بتاعت بترول تكتشف تنقل عبر خط الأنابيب إلى مرسى (؟؟؟) ود لسببين أولا بيرفع أسهمها في سوق المال العالمي بوصفها شركة اكتشفت بترول بتصدره، وثانيا عشان ما تستعيد التكلفة بتاعتها. بنرى هذا الجزء من الاتفاقية يجب أن يراجع والبترول السوداني يجب أن يستهلك في داخل السودان لأنه الاحتياج ليه في الداخل هو الأساس ونشوف حسابنا مع شفرون في وقت آخر.

مشكلة أخرى تعرضت لها السيادة الوطنية السودانية وهذه المرة من القريب وظلم ذوي القربى عارفين انتو قصته. قصة حلايب في أغسطس ١٩٨٣ القوات المصرية دفعت خط الحدود بين مصر والسودان من خط ٢٢ إلى خط ٢٠ وصلت لي محمد قول. والناس البعرفوا البحر الأحمر بيدركوا هذه المسافة وهذا البعد. في بحيرة النوبة تغولوا على المياه السودانية، ضربوا صيادين السمك السودانيين، منعوهم يصطادوا، وهم ما ؟؟؟ المساحة اللي بيصطادوا فيها. إذا كانت مصر محتاجة للدفاع عن نفسها لكل أرض السودان كعمق استراتيجي تتفضل ما عندنا مانع. إذا تعرضت مصر لعدوان خارجي في أي لحظة من اللحظات كل إمكانيات السودان تحت تصرفها، وأنا ما بتكلم كلام حماس. في ٥٦ الشعب السوداني وقف وقفته المشهورة، عمال المطارات وعمال الموانئ قاطعوا الطائرات البريطانية والفرنسية والسفن الفرنسية والسفن البريطانية. في عام ٦٧ في العدوان، فتح مطار وادي سيدنا لاستقبال ما تبقى من سلاح الطيران المصري. سافرت قوات سودانية ورابطت في قناة السويس. إذن ما في مشكلة في أنه في أي لحظة مصر تتعرض لعدوان إنه السودان يسندها. لكن مصر في الوقت الحاضر طلعت من المعركة، طلعت من معركة العرب كله كله، صالحت إسرائيل، بقت في سلام ووئام مع أميركا، جاية هنا ليه، ليه توسع الحدود. بنطلب من المصريين، من الحكومة المصرية أن تدرك حقيقة أساسية، أننا بنتكلم من موقع الصداقة لمصر من موقع الوفاء لشعب مصر، من موقع احترام الجوار، ومن موقع أن شعب السودان يستحيل يسمح لأي عدو أن يطعن مصر من حدودها الجنوبية. لكن لمن نلقى في نظام عبود، في النظام العسكري بتاع عبود وضعفه مصر تضغط عشان ما توقع اتفاقية مياه النيل وفي ظل نظام نميري وعزلته تضغط عشان ما تعمل اتفاقية الدفاع المشترك، وتضغط عشان ما تعمل التكامل وتضغط عشان ما تاخد حلايب، ده خطأ وفيه قصر نظر ممتد في الدولة المصرية من محمد علي باشا إلى آخر حاكم اليوم في الدولة المصرية. وكده ما بتمشي. السودان ما ممكن يكون جزء من مجريات الوجه القبلي المصري. السودان دولة ذات سيادة وجا الوقت اللي ناس يدركوا هذه الحقيقة. ما ممكن نرجع ثاني لي سنة ٤٦ إنه صدقي-بيغن، البروتوكول بتاع صدقي-بيغن، والنقراشي مشى هيئة الأمم عشان يرفع قضية السودان. ما كده، المسألة اختلفت، ما في زول بيختنا تحت أباطه، لأنه يا بقينا حبن يا بقينا اشقدي ليه، وما ممكن!

من موقع الصداقة ومن موقع الحرص على الوحدة، من موقع احترام الشعب المصري ونضاله. من موقع إنه ما دايرين مشاكل مع زول، ناس في حالنا، حالتنا تعبانه عايزين نرفع البلد لي فوق. لازم نسأل الحكومة المصرية، في ١٩ يوليو ترسل ناس، في الجزيرة أبا يجوا السادات ويجوا حسني مبارك ويضربوا الجزيرة الصغيرة دي بالطيارات وبسلاح الطيران. وكان ممكن؟؟ في سبتمبر ١٩٧٥ مرسلين ناس، في ٢ يوليو مرسلين ناس، كانوا خاتين عشرين ألف على الحدود الشمالية للسودان، في أي لحظة يمكن نقلهم. ليه؟ يعني ليه؟ كلما السودان حكموهو عسكر وضعف الحكومة المصرية تحاول تفرض إرادتها، ده طريق خطر وطريق ما صحيح لمصلحة الشعبين نحن بنطالب بإيقافه عند حده وبنطالب بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك بينا وبينهم. وبنفس المستوى بنطلب من الحكومة المصرية حاجة واحدة. ما ممكن تستضيف سفاح شعب بأكمله. لأنه لما يتذكر أسماء زي دي. لما أرسلوا ناس جهاز الأمن بتاع مأمون عوض أبو زيد، رسلو عبد الخالق محجوب والصادق المهدي لي مصر كاعتقال وكمنفى رسلنا لي عبد الناصر رسالة بكل الود بكل الاحترام أنه ما ممكن مصر تبقى منفى للوطنيين السودانيين. بنفس القدر مصر ما ممكن تكون ملجأ لي سفاح زي السفاح نميري. نحن موجودين هنا ومعانا أخوانا الفلسطينيين، في كلام على إنه الليبيين عايزينه والفلسطينيين عايزينه، نرجوكم، ده صيدة بتاعتنا نحنا ما في زول يهبشه. دايرينه جاهز بشحمه ولحمه، زي ما كان بتخوجل هنا زي الديك في صينية الشاي، لازم نجيبه، لازم نجيبه السودان، لازم يجي للسودان. وفي كلام بتحت تحت أنه عايزين يحركوه لرومانيا. نحن بنطلب من الشعب الروماني وحكومة رومانيا إذا صحت هذه المعلومات احتراما لخاطرنا إنه يسيبوا الموضوع ديه. قالوا حيمشي يصوم رمضان في الحرم الشريف. ده ما بحله، الحرم الشريف ما حيحله. ما في أي جهة لا في الأرض ولا في السماء يمكن أن تحمي جعفر نميري من غضب الشعب السوداني. لأنه وحيظل، ما ممكن ما ممكن ما ممكن على الإطلاق كل واحد يجي يعني يحكم السودان يعدم ده ويقتل ده ويشنق ده، وبعدين يمرق كده بلحمة حشاهو وكمان يلقى دول أخرى تحميه. ده ما ممكن، دي ما عدالة ولا عدل ولا مقبول. ولازم لازم القوى بتاعت الانتفاضة الشعبية، القوى اللي وقعت على الميثاق يجب أن تتفق إذا كانت إسرائيل على ما نعرفه عن إسرائيل بتمشي تصطاد الناس اللي عذبوا اليهود وبتجيبهم لي إسرائيل تحاكمهم نحن ما أقل قدرة من اليهود ومن إسرائيل. يجب أن نتفق بكل الطرق أنه الزول ده يجي هنا ونحاكمه هنا. ما في ما في ولا الموت حيشيلوا مننا ولا الحرم الشريف حيحميه مننا، ما في، وبنكلم الأخوان المطوفين أنه يبعدوا من الزول ده.

القضية الأخيرة اللي مست السيادة الوطنية السودانية هي قضية الفلاشا. المعلومات سلفا عرفت، وأحب أن أؤكد أن هذه المعلومات قبل أن تنشر، نقلت للخارج وسلمت لي قيادات فلسطينية نافذة لكن حصل عليها صمت ويبدو أنه العملية مرتبطة بالتسويات الجانبية واللبتجري خلف الكواليس والحلول الاستسلامية والمخطط الأميركي لترتيب الوضع في المنطقة. المنطقة ما حتترتب ولا حتستقر ولا الأمريكان حيقدروا يسيطروا عليها ولا الشيطان الأحمر حيقدر يسيطر عليها لأنه شعوب هذه المنطقة مصممة على سيادتها، على استقلالها، على حريتها وعلى إبعاد أي تدخل أجنبي من الأراضي بتاعتها. بقولوا أنه في تحقيق في ماشي في قضية الفلاشا. كويس ما عندنا مانع، بننتظر ونصبر، صبرنا خمستاشر سنة بنصبر خمستاشر يوم، ما في مشكلة. لكن يجب أن يعلم الشعب السوداني أن ايريل شارون، الجزار السفاح، جا ونزل في مطار الخرطوم، كان ماشي بطيارته لي زائير عشان ما يزور مابوتو. عملوا بأنه الطيارة بنزينها نفذ وما كان نفذ. إسرائيل ما بتخطئ أخطاء زي دي، ما بترسل طيارة ببنزين ناقص، ده ممكن سودان ايرويز تعمله. لكن نزل وناقش مع المسؤولين السودانيين في الوقت داك، نميري، عمر محمد الطيب والآخرين، موضوع الفلاشا. جا مابون، نائب الرئيس بتاع دولة إسرائيل، وجا منتحل شخصية مدير شركة عالمية وقابل المسؤولين وناقش الموضوع بتاع الفلاشا. جا ديفيد كمحين، من الخارجية الإسرائيلية، وعاش في البلد دي ونظم الموضوع بتاع الفلاشا. دي قضايا بتتعلق بسيادة السودان كدولة، قبل ما نتكلم عن العرب وفلسطين والحاجات البقت مسلوبة دي، ما تعرف منه مع فلسطين ولا تعرف منو الضد فلسطين. لكن سيادة السودان الوطنية مست وهذه القضية يجب أن يحاكموا الناس الاقترفوها والقاموا بيها. الحاجة الثانية مقابل ترحيل الفلاشا، حتسمعوا أسماء الفاتح عروة ولا هاشم عروة من جهاز الأمن وواحد اسمه فؤاد بندر وواحد اسمه إسماعيل موسى. حتسمعوا أشياء كثيرة جدا. لكن السواقين السودانيين البسوقوا اللواري في منطقة القضارف نبهوا لي أنه في صباعات مضيئة اللي هي صباعات الفسفور برموها في حتت معينة عشان اللواري بالليل الشايلة الفلاشا من المعسكرات تتبع الصباعات عشان ما تصل لي حتت معينة ومنها جهاز الأمن يستلمها ويوصلها لمطار الخرطوم ويشيلوهم بالطيارات يودوهم. ده كلو أخوانا في الطيران المدني كتر خيرهم في بياناتهم النقابية طلعوهو وأدوهو للناس. الحاجة الثانية قصاد ترحيل الفلاشا قبضوا قروش وقبضوا قمح، يعني القمح البتاكلوا فيهو ده شوفوا ليكم فتوى تحللوا ليكم لأنه.. لكن إسرائيل تقدمت بعروض أخرى لنميري بأننها تتجسس على حركة تحرير شعب السودان على ال SPLA  بتاعت الجنوبيين وأنها تديهو أجهزة متطورة للتجسس الداخلي لي جهاز أمنه، تديهو مدافع صغيرة، شفتوا المدفع الإيزو اللي قتل الشهداء، كل يوم كان بنستغرب على المدافع الصغيرة اللي شايلينها ناس الأمن أثناء المظاهرات، دي مدافع إسرائيلية وجات من إسرائيل مقابل القضية بتاعت الفلاشا. العملية دي تمت بوساطة أميركية ومصرية. إسرائيل ما اتصلت بنميري مباشرة. المصريين توسطوا وسكتوا، والأميركيين توسطوا وفي الأخر ضغطوا، لأنه في الأخر لما اتكشفت المسألة وبقت فضيحة دولية ناس نميري حاولوا يوقفوا. في الزيارة بتاعت بوش قال ليه أصلوا الخبر كان حيطلع. يعني هم بلعبوا بيهو زي ما هم عايزين. طيب إذا الخبر أصلوا بطلع مورطنه ليه، ما كان من الأول تخلوا المسألة. التفاصيل حتجيكم لما الناس ديل ينشروا المعلومات اللي قالوا هم بجمعوها والتحقيقات البيعملوا فيها. دي قضايا بتمس السودان ويجب أن يحاسبوا حساب عسير وبدون أي رحمة الناس اللي افترفوها لأنها دي ما (؟).

أنتقل للقضية الثانية وأحاول أن أختصر عليكم، الليل طال، هي قضية جهاز أمن الدولة. الجهاز ده ما جهاز مخصص للسودان. السودان فيه ناس، بابكر الديب الله يرحمه كان في أبارو، كان في غيره وكانوا ممشين الحال يعني. أصلها شيوعيين أقبضوهم، شيوعيين حاكموهم، وزع منشور جيبوه، ما تخلوهم يوزعوا المنشورات، أقبض الناس. يعني ما كان في مشكلة في الأمن الداخلي؟؟؟ حجم الجهاز الحالي تضخم وأصبح مش دولة داخل الدولة، لا أصبح امبراطورية فوق الدولة. لأنه هو المركز الإقليمي لوكالة المخابرات الأميركية وبتشتغل بيه من السودان لغاية نيجيريا، وبتشتغل بيهو من السودان لغاية عدن، وبتشتغل بيهو من السودان لغاية يوغندا وبتشتغل بيهو من السودان لغاية السعودية وبتقوم بيهو بعمليات عالمية زي ترحيل الفلاشا وبتقوم بيه بعمليات ضد شاد، المركز الإقليمي لوكالة المخابرات الأميركية كان في السودان بموافقة نميري وبتنفيذ عمر محمد الطيب دلوقت في زنزانة، كان قاعد فيها التجاني الطيب ولا كان قاعد فيها أي شيوعي منكم أو أي واحد من ناس الأحزاب التانين. الحاجة الثانية الجهاز ده كان بيشرف على تدريب جواسيس ومخربين من الدول الآتية، من أفغانستان ومن ليبيا ومن اثيوبيا، من اليمن الجنوبي. الجهاز ده كان في داخله ٧٨ مستشار أميركي. ما حصلت الانتفاضة الثانية وأسمحوا لي أسميها الثانية يوم الأحد ويوم الإثنين ويوم الثلاثاء لمن الناس حاصروا القيادة العامة لحل جهاز أمن الدولة، دي كانت انتفاضة لأنه امتدت من العاصمة لحدي آخر الأقاليم، من بورتسودان لغاية الجنينة، من جوبا لغاية حلفا كانوا الناس بطالبوا بحل جهاز أمن الدولة! المستشارين الأميركان ديل كانوا موجودين هنا وشالوهم بالطيارة بتاعت شفرون، شي ودوهم المجلد، شي ودوهم شاد وشي ودوهم بورتسودان. نحن ما عايزين مشاكل، بنطلب من الأميركان يسوقوا ناسهم ديل يودوهم بلدهم. السفارة الأميركية يكونوا فيها دبلوماسيين، يكون فيها ملحقين، يكون فيها ملحق عسكري، ملحق نقابي، أي عدد هم عايزينه كدبلوماسيين أهلا وسهلا! دي علاقات دبلوماسية واضحة. لكن جاسوس أميركي يجي يشتغل في جهاز الأمن السودان عشان يخطط معاه لاضطهاد جماهير الشعب السوداني، لا! واستسمح أخوانا في السلطة ما يقولوا دي معلومات بتهم أمن البلد. أمن البلد ومعلومات البلد كانت بتمشي لوكالة المخابرات الأميركية وللسفارة الأميركية وللبنتاغون ولوزارة الدفاع الأميركية قبل ما يعرفها الشعب السوداني، قبل ما يعرفها الوزير السوداني، قبل ما يعرفها عضو مجلس الشعب السوداني، ليه، لمجرد لأنه هي بتمشي لدول أجنبية ولقوى أجنبية نحن حننشر أي معلومة تقع في إيدنا وأي زول عنده معلومة يوصلها لينا نحنا حننشرها. ما كان ممكن ولا كان مقبول أنه أي أميركي جاي من البنتاغون وزارة الدفاع الأميركية ولا من المخابرات الأميركية يحضر اجتماع مجلس الأمن القومي السوداني. كيف؟ وين السيادة، وين حرية البلد، وين صيانة أسرارها؟ في داخل جهاز الأمن جواسيس أميركان يقعدوا مع ضباط الأمن السودانيين عشان يحضروا التحقيق مع شيوعي ولا بعثي ولا معارض من حزب الأمة ولا الوطني الاتحادي، وين كرامة الضابط بتاع الأمن السوداني ده. لو كان عنده كرامة كمواطن كان حيطرد الخواجة، لكن هم باعوا ضميرهم باعوا كرامتهم باعوا بلدهم ولذلك يجب أن يعاقبوا. جهاز أمن الدولة السوداني لأنه كان المركز الإقليمي لوكالة المخابرات الأميركية تآمر في شاد وتآمر في افريقيا الوسطي وتآمر في غانا وتآمر في ليبيريا وتآمر في يوغنده وتآمر في فولتا العليا، ومن ديل كلهم باستمرار كان في عملية بتاعت ناس ماشين ناس جايين عمليات بتطبخ، وكان غرفة عمليات لتنفيذ نشاط المخابرات الأميركية في افريقيا وفي الشرق الأوسط وهو أكبر جهاز أمن بتاع مخابرات في العالم الثالث، دي حقيقة أنا ما بقولها ساكت. لكن ما قدروا في تشيلي يعملوا زيه ولا قدروا في الفلبين يعملوا زيه. نحن ياخ مش شعب من الأوباش، مش شعب فاقد الكرامة، عشان يجي الأمريكي يعمل زي ما هو عايز ويجي أي أجنبي يعمل زي ما هو عايز. لا. من دلوقت لا. عشان بكرة نقدر نقول لا بقوة أكبر. الحاجة الثانية في زيارة بوش الأخيرة واستنادا لتقارير عناصر السي آي ايه وكالة المخابرات الأميركية في السودان تصور بوش يعني هيبة وطول ونائب رئيس أكبر دولة في العالم يعني أكبر نائب رئيس في العالم ومشغوليات أمريكا لا أول لها ولا آخر، احتياجات السودان لا أول لها ولا أخر، بيناقش نميري، بقول ليه لسع نحن شايفين في خطر شيوعي في السودان، لأنه لسه في شيوعيين في اتحاد الموظفين وفي شيوعيين في جامعة الخرطوم وفي شيوعيين في مصنع النسيج. طبعا لو قالوا لي بوش الجامعة وين ومصنع النسيج وين واتحاد الموظفين ما بكون عارف. لكن ده قدموهو ليه الناس بتاع المخابرات في السودان. طيب مالو ياخ، شنو المشكلة يعني أنه يكون في شيوعي في الجامعة أو في المصنع، ما كانوا في وحيكونوا في. هل دي قضية تهم أمريكا بهذا المستوى. نحن ما بركبنا الغرور ولا بنشعر أننا ناس مهمين جدا يعني مهتم بينا بوش لكن السودان وقع في المخطط الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية اللي أصبح ما عندها شغلة غير الخطر الشيوعي، الخطر السوفييتي، الاتحاد السوفييتي عايز يعمل حزام فيه اليمن الجنوبي، فيه ليبيا، فيه جون قرنق والحزب الشيوعي السوداني في الشمال يعمل ليه انقلاب وتتربط العملية دي كلها ضد أميركا. يعني كأنه نحن ما عندنا شغله غير أمريكا، والله عندنا مليون شغله. هي كيف تنشغل بنفسها، هي كيف تكون دولة معتدلة قبل ما تطالب العالم الآخر بأنه يعمل دول معتدلة.

الحاجة الثانية وبقولها بالصوت الواضح وأنا مدرك وبعرف المؤامرات اللبترتكبها وكالة المخابرات الأميركية في العالم الثالث، بتغتال وبتسمم وبتجند العملاء والفلول عشان يغتالوا وعشان يخربوا. بنطلب من السفارة الأميركية أنها تنقل عناصر وكالة المخابرات الأمريكية الموجودين في العمارة الكويتية هنا باسم وكالة التنمية الأميركية واللي اشترت ليهم الفيلات البيض الثلاثة وانت ماشي على معرض الخرطوم الدولي بتاعت أولاد مالك، اشتروهم بثمانية مليون ولا أكتر عشان يسكنوهم فيهم. سوقوا الناس ديل طلعوهم بره، نحن ما حنعتدي عليهم لكن الجاسوس لما ينكشف أمره ببقى انتهى. سوقوهم ودوهم محل كانوا وكفاية تجسس. نحن ما عايزين نكون مركز بتاع تجسس على دول عربية وعلى دول افريقية. ما عندنا مصلحة، ما دايرين شي من أي زول، أده طرفنا، بس خلونا في بلدنا، ده كل البنطلبه من الأميركان. جهاز أمن الدولة لأنه كان المركز بتاع المخابرات الأميركية القوة بتاعته ارتفعت إلى خمسة وأربعين ألف، خمسة وأربعين ألف عنصر بتاع أمن، نصهم هنا في الخرطوم. نحن ما عايزين نتراءى، نحن حمانا شعبنا، ما حمتنا قدرات بهلوانية ولا أساطير بتحكى عننا، أبدا. البسكنا والبوصلنا والبنبهنا ديل الناس العاديين، هم اللي نحنا استندنا عليهم وإذا دعى الأمر كونوا واثقين بننزل بأطلع مما طلعنا، ما في أي مشكلة في العملية دي. في عملية مهمة في هذا الجانب، وهي أنه في هذه القوة بتاعت الأمن في ناس انتدبوا من القوات النظامية، الجيش والبوليس والسجون، أعتقد مطلب عادل جدا ما يرجعوا للجيش والبوليس والسجون إلا إذا كان أصبح مسموح الناس يعملوا تنظيمات داخل الجيش والبوليس والسجون، لأنه دي قوة منظمة حصل ليها تدريب داخلي وكورسات خارجية بتاعت تدريب، عندها أهداف سياسية بتنفذها، عندها تكتيكات معينة بتتبعها، عندها شفرة معينة بتشتغل بيها، وجودها في الجيش بيعني وجود تنظيم داخل الجيش، الناس ديل ما يرجعوا الجيش، ما يرجعوا البوليس ما يرجعوا السجون، يمشوا أي حتة ثانية حسب المؤهلات بتاعتهم. أصبح معروف بالنسبة ليكم أنه نميري أصبح يعتمد على جهاز الأمن لأنه ما عاد يثق في الجيش السوداني وسمعته الصواريخ اللي كانت منصوبة في قصر الشباب والأطفال والمنصوبة في بيوت في اللاماب بحر أبيض والمنصوبة في حتت جنب الحارة ٢١ أو غيره بحيث إنه أي حتة جاية منها مدرعات أو مصفحات في عملية انقلابية جهاز الأمن يقدر يعطلها بالصواريخ دي. وبيقال والعهدة على من رووا أنه عدد الصواريخ أكثر ثلاث مرات من عدد الدبابات في الجيش السوداني. فده بوريك مستوى الخوف والذعر، ما اطمأن لجهاز أمن الدولة، بدا يعمل جهاز أمنه الخاص اللي وصلت عدديته لي سبعة ألف وكان مسؤول عنه بهاء الدين محمد إدريس، اسم الدلع بهوية. أمره هين ناعم تعلم على الترف، في زنزانه واحدة من زنازين البحريات بكتب ليكم كل شي، في زنزانة واحدة من زنازين البحريات في صيف اليومين ديل. ولا تعذبوه ولا تضربوه ولا تنتهكوا حرمة أهله ولا غيره ولا تهبشوا أطفاله. الشعب وانتفاضته يجب بأن يتميزوا بالشهامة وبالكرم، كل المعتقلين بتاعين مايو ديل، ما يمسوا أطفالهم. نحن عشنا الظروف الصعبة ودي كانت أصعب من أي لحظات تمر على أي زول مختفي أو معتقل، انت تحس بأطفال واحد من المعتقلين ما قادرين ياكلوا، هدوم المدرسة بتاعتهم ما جات في المواعيد، كتبهم المدرسية ما جات في المواعيد، طلبوا منهم المصاريف ما ودوها، نرجوا من الدولة والمختصين أنه الناس المعتقلين هسه أطفالهم ما يمسوا، أسرهم ما تمس. أولا لأنه نحن أكرم، نحن كشعب أكرم ونحن أقوى ما بنلجأ لإهانة الإنسان عشان نهزموا أو عشان نكسره، لا، مواطن أخطأ لازم يعاقب، لأنه انت خمسة وأربعين ألف بتاعين الأمن، وكذا ألف اتحاد اشتراكي يعني حتعمل فيهم شنو، حتقرضهم، حتقتلهم، ما ممكن. كم من المجتمع وخلاياهه المختلفة، ما هم برضو بنتموا لأسر، بالأحقاد وبالجراح، لا، يعاقبوا في حدود جرائمهم وبالقانون. لأنه يجب… أنا بقول الكلام ده وشايف الصفقة ضعفت لأنه الناس مليانين بالأحقاد وهي أحقاد مشروعة، لكن يجب أن نفكر في المستقبل، يجب أن نفكر في المستقبل لأنه نضع قواعد سليمة لما يسمى بالديمقراطية، لما يسمي باستقلال القضاء، لما يسمى بحكم القانون، لأنه ده أساس النهضة، ده أساس الحضارة، ده أساس التقدم. وبقول الكلام ده لأنه حكم مدني ولا عسكري يحاول في البلد دي يمس الحقوق الأساسية والحريات الديمقراطية مصيره إلى زوال، بعد سنة بعد ستة بعد خمستاشر ما بتفرق، مصيره إلى زوال، ودي حقيقة موضوعية أصبحت من جغرافية السودان. يحد السودان شمالا بمصر وجنوبا بيوغندا والسودان أيضا ينهي أي حكم ديكتاتوري مدني أو عسكري.

الحاجة الثانية يجب أن يفرد تحقيق خاص وبحث خاص عن جهاز الأمن الخاص اللي كونه نميري وأصبح تابع لرئيس الجمهورية، لأنه هذا الجهاز بربط في أمريكا وبربط في الأردن، وأصبح عنده المقدرة أنه وكالة المخابرات الأميركية وافقت أنه جهاز أمن رئيس الجمهورية مع التيم اللي جاي من هناك وكان عددهم ٢٥٠ أميركي على تأمين زيارة بوش. دي عملية ضخمة جدا، عملية أمنية ضخمة جدا بالنسبة للأمريكان حماية نائب رئيسهم. إذا كان بسمحوا لجهاز أمن رئيس الجمهورية أنه يشرف على هذه العملية معناها وصل مستوى عال جدا من الكفاءة ومستوى عال جدا من المقدرة. هذا الجهاز يجب أن نتعقبه ويجب أن نعرف كل كبيرة وصغيرة فيه، وكل صغيرة وكبيرة فيه موجودة عند بهاء الدين ويمكن أن يطلعها بالتي هي أحسن، ما بحتاج لي تعذيب ما بحتاج لي ضغط ولا غيره.

الحاجة الثانية فيما يختص بالمسائل الخاصة بالحزب الشيوعي دي طويلة وبتهمنا ما نشغلكم بيها. لكن المخابرات الأميركية كان عندها هلع اسمه الحزب الشيوعي السوداني، يعني فاكرة بس نحنا نمد يدنا كده بنمسك السلطة. لكن هم كانوا وهم ونميري بيلعبوا على بعض، يعني نميري كلما يواجه مشكلة يبتدي يقول ليهم في مؤامرة شيوعية ولازم ترسلوا قروش ولازم تدعموا ووإلى آخره. كلما هم عايزين مطار حربي ولا عايزين قاعدة يجو يقولوا ليه والله نحن بمعلوماتنا الخاصة تحصلنا إلى أنه الحزب الشيوعي أصبح عنده نشاط واسع جدا، داخل القوات المسلحة وداخل البوليس وداخل مش عارف شنو، ولازم تعمل حسابك ولازم تضرب الشيوعية، وأنه الناس ديل بنسقوا مع ناس اليمن الجنوبي ومع ناس اثيوبيا وكده، عملية شد وجذب مستمرة باستمرار، لكن نحن كنا مدركين أنه القصة هي قصة العداء للشيوعية قصة العداء للسوفييت قصة إنه الأمريكان عايزين يسيطروا على السودان، وقصة أنه نميري عايز يستهبل الأمريكان، عشان كده سبب بلا سبب يقول ليك أنا قضيت على أكبر حزب شيوعي في افريقيا، منه القال ليك، في حزب جنوب افريقيا ياخي قبلنا بعشرات السنين، فيه الحزب الإيراني والحزب السوري والحزب العراقي دي أحزاب من العشرينات جاية، نحنا ما أكبر حزب ولا أحسن حزب ولا أعرق حزب ولا حاجة. نحن حزب صغير قدر السودان، بس شفت السودان ده، بس ياهو قدره. عندنا ما عندنا يعني، يطردونا من نقابة، ما ننجح في الانتخابات. المهم بنشتغل سياسة في حدود السودان، ما عندنا قدرة حتى لو أردنا ما عندنا قدرة عشان نشتغل سياسة بره أو نعمل نفوذ بره أو نبقى أداة لقوى دولية، ليه ياخ؟ شايف علينا شنو؟ شكلنا كده شكل جواسيس يعني، شكل عملاء. لكن دي هي العملية، عملية بتاعت خلق مناخ داخل أمركيا عشان ما يسمحوا بمساعدات عسكرية وسياسية لجعفر نميري لا أكثر ولا أقل. فنميري كان بحاول يرفع سعر العمالة بتاعته لأنه ضرب أكبر حزب شيوعي في افريقيا، وبعدين قال من أكبر إنجازاته أنه شنق أكبر زنديق في العالم الإسلامي، اللي هو محمود محمد طه. في زول بيتباهى بانجازات زي دي. بنعتقد أنه جا الوقت اللي نقول لأمريكا نحن عايزين علاقات طيبة معاكم، نحن ما عايزين السودان يصبح مركز للتآمر. العلاقات الثقافية والاقتصادية والتجارية كويسة لمصلحة الطرفين لكن ما فضلكم ما تعملوا السودان مركز للتجسس، ما طالبين أكثر من كده منكم.

الحاجة الثانية، بالنسبة لينا برضو جهاز الأمن عمل بلاوي كثيرة، عمل مشاكل كثيرة، سبب لينا متاعب، خصوصا فيما يتعلق ببحثه عن المختفين، استطاع في حالات أن ينجح واستطاع في الأكثر أن يفشل. وبعتقد أنه الناس كتر خيرهم ساعدونا في أنه نستمر لغاية ما نجي نقابل الناس في تجمعهم ده، وده تجمع نحن بنحترمه وبنقدره لأنه فيه مختلف الاتجاهات، مختلف الأحزاب، مختلف وجهات النظر، جاية عشان تسمع وجهة نظر الشيوعيين. إذا هو المكافأة بتاعت اختفاءنا بتاع الخمستاشر سنة ما دايرين غيره. برضو استسمح الناس، الناس ديل حاولوا بشتى الطرق يفسدوا الناس، أفسدوا ناس في الأحزاب المختلفة وفي الاتجاهات المختلفة ونجحوا أيضا يفسدوا ناس في الحزب الشيوعي. الشيوعيين بشر زيهم زي الناس عندهم الضعف وعندهم الإيجابي وعندهم السلبي. ما في أي شيوعي يستطيع يقول أنا فوق البشر أو أنا ثوري أو أنا ماركسي معناها خلاص، لا. نحن بشر وحنظل بشر، فهم في كل الفترة دي ما استطاعوا أن يصطادوا عملاء من داخل الحزب غير الشخصيات الآتية، شخصيات كانت رجال أمن زي ما بقولوا، واحد اسمو عثمان الحسن من عطبرة، واحد اسمه إبراهيم حسن من ناس السكة حديد، واحد اسمه بخاري كان عامل في اتحاد العمال، واحد اسمو نيتو علي نيبو، واحد اسمه البشير شيخ الدين من أولاد الدرجة الثالثة مع احترامنا لأهله وشاب اسمه علاء الدين حاول بأساليب ملتوية يجي في الخرطوم بحري ويعمل مشاكل، شاب آخر اسمه عبد العظيم من الكليات التكنولوجية. الناس ديل نحن بنتركهم للتجربة إن شاء الله يتعملوا منها، ما حنأذيهم كنا عارفنهم من زمان قبل الانتفاضة وبعدها وهم موجودين. وعبرة عشان أي جهاز أمن ما يزرع بين السودانيين روح التجسس، روح الخبث، روح البلاغات، روح أذى الناس الآخرين. ده شي بيفسد مجتمع بأسره ويجب أن نحاربه، ومن الزاوية دي أنا بذكر هذه المعلومة للتاريخ. ما عايز أتعرض لأسماء أخرى، لكن فيما يتعلق بجهاز الأمن بنعتقد أنه لا بد من محاكمة الذين عذبوا والذين انتهكوا حقوق الناس وحرياتهم، الناس يدوهم استحقاقاتهم، العندوا معاش يدوهو معاشه، العندو مكافأة ما بعد الخدمة يدوهو مكافأة ما بعد الخدمة، لكن يجب أن توقف الامتيازات، يجب أن توقف الامتيازات لأنها بتفسد. وإذا اتعمل جهاز أمن جديد وعمل نفس الامتيازات القديمة برضو حيفسد حتى تكون من ملائكة، حتى لو تكون من بشر كاملين. لأنه ما كل الناس ديل دخلوا جهاز الأمن فاسدين وأفسدوا والنهار ده أصبحوا مشكلة اجتماعية بالنسبة للمجتمع السوداني. يجب أن يعالج مسائلهم بما يفيد تطور المجتمع السوداني لي قدام. الحاجة الثانية أنه نشر القوائم مهم. نحن ما قصدنا التشنيع أبدا لكن ما ممكن نحن نسلم أمن أرواحنا لأشباح غير معروفة، ما ممكن. ولا يمكن يسمح بأنه رئيس جهاز الأمن يكون شخص ما معروف، لازم نعرفه هو منه، أهله منو، قبيلتو شنو. يمكن زول ما عنده أخلاق يمكن زول ما عنده عرض، فما ممكن انت تمسكه أمن دولة كاملة أمن بلد كامل. لذلك البمسكوهو جهاز الأمن من هنا لي قدام يجب أن يخضع لنفس المواصفات بتاعت رئيس القضاء والنائب العام والمراجع العام، فحص كامل شامل. ولا نقبل أي تحفظات باسم أنه ده أمن البلد ودي سرية وكده. لا نحن السرية وأمن البلد ضقنا في عضمنا وضاقوه شهدائنا الراقدين دلوقت تحت التراب. لذلك يجب  بألا نسمح بأي ممارسات تؤدي إلى خلق جهاز أمن جديد يركب من فوق لي رقاب الناس من فوق. كل دولة عندها قانون أمن، كل دولة عندها جهاز أمن، لكن الديمقراطية هي الضمان مش الأشخاص، الديمقراطية بمعنى الحقوق الأساسية والحريات الديمقراطية وحرمات السكن وحرية الرأي حقوق دستورية لا تمس والإنسان يستطيع يشتكي للقضاء عشان ما يستعيد حقوقه. أي جهاز أمن موجود في البلد بغير المواصفات دي مرفوض، وحنحاربه وحنقاومه وحنحرض المواطنين عشان ما يقاوموهو، ما في أمن، ما في أمن بلد فوق حريات الناس وفوق كرامتهم. ده دجل وأي كلام بأنه الثورة بتحمى بالمخابرات، لا الثورة بتحمى باقتناع الشعب، بتحمى باحترام كرامة المواطنين، وأي ثورات قامت في المنطقة العربية وفي المنطقة الافريقية اعتمدت على جهاز المخابرات وعلى جهاز الأمن انتهت وخير شاهد على كده مايو ذاتها والتجربة المصرية. عشان كده ما عايزين نكرر هذه التجارب، لا باسم الاشتراكية ولا باسم الشيوعية ولا باسم القومية العربية ولا باسم التحرر ولا باسم الاستقلال. حرية المواطن، كرامته يجب أن تكون فوق كل شي ويخضع ليها جهاز الأمن ويخضع ليها جهاز الدولة.

حاجة ثانية أخيرة. في الوقت الحاضر نحن ما مستعدين المسألة بتاعت جهاز الأمن وتصفيته تمشي في الخفاء. يجب أن تنشر المعلومات، لانه ما في بيت ما مساه جهاز الأمن، ما في مواطن، حتى لو بعدت كل كله، بطلب السياسة، بطلت الكلام، بلحقوك، بلحقوك في محلك. يجب أن تنشر كل المعلومات. الحاجة الثانية، الممتلكات بتاعت جهاز الأمن ودي ممتلكات ضخمة جدا، عربات على أدوات اتصال على ملابس على بيوت على غيره حتمشي ودين؟ لأنه في البلد جربنا، المؤسسات اللي أممت وصودرت الممتلكات اللي كانت فيها سرقت وراحت امتيازات للناس الي في الحكومة. بنفس المستوى ما لم تكون في رقابة واضحة وقوانين صارمة في هذا الجانب نفس الشي ممكن يحصل، إذا المسألة بقت سايبة ساكت. الحاجات اللفي مخازن جهاز الأمن وممتلكاته يجب أن تحصر ويجب أن نعرف كل شي ماشي وين، كل عربية ماشو وين، ما نوزعها للناس ساكت. ده ماشي للبوليس، ده ماشي للوزارات ده ماشي للمصالح، ده نعطله لأنه ما عندنا بنزين وهكذا. ما نعمل كده حنعمل فساد من نوع جديد سوى أراد الناس أو لم يريدوا، أنا لا أتشكك في وطنية أحد أو في ذمة أحد، لا، لكن هذه المسألة يجب أن تتابع ويجب أن تنشر كل المعلومات وكل الحقائق عنها لمصلحة السودان. نحن ما عندنا قضية جهاز الأمن قاعد، جهاز الأمن.. أهو نحن بنشتغل، بقدر القدرة اللي عندنا بنشتغل لكن البلد وحريتها وسيادتها بعد التجارب المريرة اللي نحنا مرينا بيها ونحن برضو تعلمنا من التجارب، اكتشفنا أخطاءنا، اكتشفنا قصورنا، اكتشفنا عدم معرفتنا الكاملة لكل ما يدور في المجتمع السوداني، تعلمنا بمساعدة الناس، بمساعدة التجربة المريرة، ومن موقع التعليم ده بنطلب أنه حريات المواطنين، كرامتهم، حقوقهم تحترم. أي جهاز أمن جديد يقوم مهما سمي، وطني ولا غير وطني يجب أن يخضع لرقابة شعبية صارمة جدا بل ويجب أن تحكمه قوانين ولوائح صارمة جدا عشان ما تحصل التجاوزات لكرامة المواطنين؟؟ وجهاز الأمن يصبح فوق القانون وفوق القضاء.

الحاجة الثانية، في حاجة مهمة جدا ونحن داخلين على مسألة الانتفاضة أنه جهاز الأمن زرع في الناس في الخوف. كونه جهاز الأمن راح مش معناه سيكولوجية الخوف راحت، لسع في الرواسب، لكن الانتفاضة وكلكم عشتوها اللحظات اللي كانوا الناس بهتفوا فيها بصورة هستيرية، حقيقة بصورة هستيرية زي حلقة الزار، ما ده كان الدفع الذاتي، عشان الانسان يتخلص من كل الدرن بتاع الخوف والتردد والسلبية ويستعيد انسانيته، الناس استعادوا انسانيتهم، لذلك يجب أننا ما نخاف. جو عساكر مسكوا الحكومة، مش عارف الحكاية الفلانية، أول حاجة ما نخاف. نحن البنخوف الحكام ونحن السقطنا الحكام ونحن الحنسقط الحكام إذا تعدوا على الديمقراطية. دي الحقيقة الأساسية في السودان، دي الحقيقة الأساسية اللي ما لازم نتراجع عنها. ما نخاف من حاكم، أعور نقول له أعور، أخطأ نقول له أخطأت، شال حقنا ننتزعه، عندنا حق ديمقراطي نمارسه وما نطلبه، ما في حاجة اسمها تسليم السلطة للشعب، لا، الشعوب بتستلم السلطة، يتغير هذا الشعار. يجب أن يتغير هذا الشعار. نحن ما بنقول ليهم انتو سرقتوا السلطة، ما بنقول للمجلس العسكري الانتقالي انت سرقت السلطة، لا. نحن بنقول في أطراف ثلاثة في البلد، المجلس العسكري الانتقالي، مجلس الوزراء، التجمع بشقينه وأحزاب ونقابات، مع بعض يكونوا هم السلطة الأساسية في البلد عشان ننتهي من مرحلة الانتقال عشان نمشي لي قدام بصورة أحسن عشان المسألة ما تبقى سنة يومين ولا سنة وشهرين وبالقطاعي لا. نحن عايزين استقرار لمدى أطول، لأنه مشاكلنا أكبر، الفرحة بتاعت الانتصار ما تنسينا حجم المشاكل وحجمها مخيف وأنا ما محتاج أخش في التفاصيل المرتبطة بيها. لكن حريات الجماهير تمارسها الجماهير وتطالب بتقنينها، إذا كان في حرية صحافة ودلوقت وصلنا لي حرية صحافة يجب يكون في قانون بنص بوضوح على حرية الصحافة، زي ما قال الأخ التجاني وتلغى كل القوانين اللي كانت بتمنع حرية الصحافة. إذا كان في حرية نشاط الأحزاب يجب يكون في قانون بيقنن نشاط الأحزاب وتحذف كل القوانين البتحرم نشاط الأحزاب. ولا بكرة الحالة السياسية تضيق شوية نواجه نلقى نفسنا محاصرين بترسانة بتاعت قوانين ما حنعرف نتخلص منها بسهولة. انتفاضة الشعب السوداني انتفاضة عميقة وكبيرة وما في حزب سياسي واحد بقدر يستوعبها، كضاب، حزب سري ولا كان علني، ما ممكن، لأنها انتفاضة شعب بأسره وانتفاضة عميقة ونخن مؤهلين كلنا مع بعض عشان ندرك عمقها وندرك اتساعها إذا طرحنا قضاياها الأساسية وبجهد مشترك بدينا نشتغل عشان ما نحلها وعشان ما نشوف ليها الحلول اللي بتمشي لي قدام.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *